أخطاء الكريبتو .. دروس لكل رائد أعمال

تشهد صناعة العملات الرقمية (الكريبتو) حالة من الفوضى، إذ يغلب عليها الضجيج الإعلامي والمصطلحات المعقدة، ما يجعل قيمتها الحقيقية محل شك، ويعرض مصداقيتها للانهيار مع كل فضيحة احتيال أو ما تسمى عملية "سحب سجاد".

ومع وجود أكثر من 37 مليون عملة رقمية، تتباين قصص النجاح والفشل، ما يترك الجمهور في حيرة وغموض مستمر.

هذه الدروس لا تنحصر في صناعة الكريبتو وحدها، بل تعكس تحديات أوسع تواجه أي رائد أعمال عند إطلاق منتج أو خدمة جديدة. فسواء كنت مهووسًا بعالم الكريبتو أو تتجنبه كليًا، فإن المبادئ الأساسية نفسها تبقى صالحة.

معرفة تحيزك الشخصي

يؤكد الخبراء أن الحماس الشخصي قد يكون أداة محفزة للمبادرة، لكنه في الوقت نفسه قد يقود إلى الفشل إذا لم يُفهم من قبل الجمهور.

كثير من المستثمرين يفتقرون إلى المعرفة المسبقة بالصناعة، ما يجعلهم مترددين في الاستثمار، ليس بسبب ضعف المنتج، بل لأنه محاط بمصطلحات معقدة يصعب فهمها.

أكثر الأخطاء شيوعًا بين رواد الأعمال هو افتراض أن الآخرين يفهمون تمامًا ما تتحدث عنه، في حين يحتاج الابتكار إلى لغة واضحة تصل لجميع شرائح المستخدمين، سواء كانوا مستهلكين، شركاء تجاريين، أو مستثمرين.

الخوف من الجديد

حتى عند التواصل بلغة بسيطة وواضحة، قد لا يثق الناس تلقائيًا بالمنتج أو الخدمة. الخوف من الجديد طبيعي، خصوصًا مع التكنولوجيا المبتكرة.

مثال على ذلك تجربة لكاتب المقال في تعدين عملة إيثريوم داخل سكنه الجامعي، والتي دفعته إلى مواجهة اتهامات بالقرصنة وفقدان السكن، على الرغم من محاولاته شرح الفكرة.

يشير هذا إلى أن الثقة ليست مرتبطة بما يفعله المنتج، بل بكيفية تأثيره على المستخدمين. التقنية في الخلفية تهم المطورين، أما الجمهور العام فيركز على الفوائد المباشرة والخصوصية.

حتى مع تطبيقات الذكاء الاصطناعي، رغم استخدام 66% من الناس لها، يثق أقل من نصفهم بفعاليتها، ما يظهر أن القبول لا يعني بالضرورة الثقة.

القيمة اليومية

لتعزيز الثقة، يجب التركيز على القيمة اليومية التي يقدمها المنتج للمستخدم.

وخير مثال على ذلك قطاع الاتصالات، حيث يستخدم أكثر من 7.2 مليار شخص الهواتف الذكية، لكن القليل منهم يعرف التفاصيل التقنية لتصنيع الأجهزة أو تطوير التطبيقات.

تتشكل الثقة عندما تصبح التكنولوجيا جزءًا من الحياة اليومية مع ضمان الأداء والخصوصية.

الرؤية تتجاوز المنتج

الخطوة التالية لأي رائد أعمال هي تقديم أكثر من مجرد منتج، ورفع مستوى شركته إلى كيان يحقق هدفًا أكبر. أحيانًا يتطلب ذلك الإبداع والجرأة في التعبير عن القيمة.

على سبيل المثال، قام كاتب المقال بحرق لوحة بانكسي بقيمة 90 ألف دولار لتحويلها إلى (إن إف تي) وهو اختصار يعني "الرمز غير القابل للاستبدال"،  ما أثار اهتمامًا كبيرًا وأثبت قيمة الابتكار الرقمي، حيث تم بيعها لاحقًا بما يقارب 380 ألف دولار.

تجربة الكاتب توسعت لاحقًا بإطلاق شبكة XION المبنية على البلوكتشين، والتي ضمت أكثر من 150 علامة تجارية عالمية، بما فيها  أوبر و" بي إم دبليو"، بتمويل قدره 36 مليون دولار. الدرس هنا هو ضرورة إبراز ما تقدمه الشركة بطريقة تجذب الانتباه وتوضح قيمتها للمستخدمين، بدل الاعتماد على القبول التقليدي فقط.

الابتكار والفخاخ المحتملة

سواء في الكريبتو أو الذكاء الاصطناعي أو أي ابتكار آخر، هناك فرص هائلة للنمو، لكن الشركات الرائدة معرضة للوقوع في فخاخ تحد من توسعها أو تخيف قاعدة العملاء أو تفشل في الوصول إلى جمهور أوسع. الإدراك الجيد للتحيزات الشخصية، والتواصل الفعال، وربط الابتكار بمهمة واضحة، يمكن أن يساعد الشركات على تخطي هذه العقبات وتحقيق النجاح.

في الختام، تظهر صناعة الكريبتو مثالًا حيًا على أن الأخطاء الكبيرة في السوق تحمل دروسًا قيّمة لكل رائد أعمال: التواصل بلغة مفهومة، بناء الثقة من خلال الفوائد الحقيقية، والارتقاء بالرؤية لتكون أكثر من مجرد منتج، كلها عناصر أساسية لنجاح أي مشروع مبتكر في سوق معقد ومتغير.

المصدر: انتربرونور