سجّلت مشتريات المستثمرين الأجانب من الأسهم الصينية خلال 2025 أعلى مستوى لها منذ أربع سنوات، في مؤشر على إعادة تقييم السوق الصينية التي كانت تُعتبر في السابق غير قابلة للاستثمار.
بلغت التدفقات الخارجية إلى الأسهم الصينية خلال الفترة من يناير كانون الثاني إلى أكتوبر تشرين الأول من هذا العام نحو 50.6 مليار دولار، مقارنة بـ11.4 مليار دولار في عام 2024، وفقاً لبيانات صادرة عن معهد التمويل الدولي، وهو هيئة تمثل صناعة البنوك العالمية.
أداء قوي بعد سنوات من التراجع
شهدت الأسهم الصينية المدرجة في البر الرئيسي وهونغ كونغ ارتفاعاً ملحوظاً هذا العام، مدفوعة بالحماس تجاه الذكاء الاصطناعي بعد إطلاق نموذج «ديب سيك» الصيني المبتكر، إلى جانب سلسلة قوية من الطروحات العامة في مركز آسيا المالي.
ويأتي هذا الأداء بعد سنوات من العوائد الضعيفة، حيث قام المستثمرون الأجانب بتقليص استثماراتهم نتيجة لتباطؤ النمو الاقتصادي وتصاعد التوترات بين الولايات المتحدة والصين.
الصين تتداول بخصم قياسي مقارنة ببقية العالم
قال جوناثان باينز، رئيس قسم الأسهم الآسيوية (باستثناء اليابان) في شركة «فيديريتد هيرميس»، «لا تزال الصين تتداول بخصم قياسي مقارنة ببقية العالم، ومع ذلك فهي تضم بعضاً من أفضل الشركات في قطاع التكنولوجيا »، مضيفاً: «إنهم المنافس الواقعي الوحيد للولايات المتحدة في بعض المجالات».
ورغم أن حجم الشراء الأجنبي هذا العام لا يزال أقل من الرقم القياسي البالغ 73.6 مليار دولار المسجل في عام 2021، عندما تعافى مؤشر CSI 300 من صدمة جائحة كورونا، فإن هذه التدفقات تمثل تحولاً واضحاً بعد سنوات من تراجع الاستثمار الأجنبي.
وقال يان وانغ، كبير استراتيجيي الأسواق الناشئة والصين في «ألباين ماكرو»: «قبل عامين، كانت الصين غير قابلة للاستثمار بالنسبة للكثيرين».
وقد توقفت بكين العام الماضي عن نشر البيانات اليومية الخاصة بالاستثمارات في الأسهم المدرجة في البر الرئيسي عبر هونغ كونغ، ما صعّب من عملية تتبع التدفقات الأجنبية، ويعتمد معهد التمويل الدولي على تتبع التغيرات في الالتزامات الخارجية للمحافظ الاستثمارية، ولا يشمل الشركات الصينية المدرجة في الولايات المتحدة.
قفزة في مشتريات الأسهم الصينية
ووفقاً لبنك «سيتي»، فقد زادت مشتريات الأسهم الصينية منذ أن فرضت الولايات المتحدة تعريفات جمركية جديدة في أبريل نيسان، حيث بلغت نسبة الشراء نحو 55% مقابل 45% من عمليات البيع عبر مختلف أنواع المستثمرين.
وتُظهر بيانات «إي بي إف آر غلوبال»، التي تتعقب تدفقات الأموال إلى صناديق المؤشرات والصناديق المشتركة، أن مديري المحافظ النشطين الأجانب كانوا بائعين صافين للأسهم الصينية هذا العام، لكن هذه المبيعات تم تعويضها بالكامل تقريباً من خلال تدفقات قوية إلى الصناديق السلبية.
وقال ستيوارت رامبل، رئيس إدارة الاستثمار لمنطقة آسيا والمحيط الهادئ في «فيديلتي إنترناشونال»، إن الأداء القوي للأسهم الصينية هذا العام كان مدفوعاً بشكل أساسي بتدفقات كبيرة من المستثمرين الأفراد المحليين.وقد ضخ المستثمرون في البر الرئيسي الصيني ما يعادل 1.3 تريليون دولار هونغ كونغي (168.7 مليار دولار أميركي) في سوق الأسهم في هونغ كونغ هذا العام، وهو رقم قياسي، وأصبحوا يشكلون الآن نحو 20% من حجم التداول في البورصة.
حذر نتيجة انهيار سوق العقارات والحرب التجارية
وكان حذر الأجانب من الأسهم الصينية نتيجة لانهيار سوق العقارات، والحملة على الشركات الخاصة، وتصاعد الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين، وهي عوامل أسهمت مجتمعة في تراجع السوق بنحو النصف من ذروته.
وقال دانيال موريس، كبير استراتيجيي السوق في «بي إن بي باريبا لإدارة الأصول»: «كان هناك وقت لم يكن أحد يريد حتى الحديث عن الصين، أما الآن، فنحن نتحدث عنها كثيراً».
ويُنظر إلى الحملة التي شنتها بكين على الشركات الخاصة، والتي تجسدت في تراجع مؤسس شركة «علي بابا» جاك ما، على أنها أضرت بثقة المستثمرين، ومنذ ذلك الحين دفعت الجهات التنظيمية بسلسلة من الإصلاحات تهدف إلى إنعاش الأسواق.
وقال باينز: «كان من الواضح أنهم يريدون لأسواق رأس المال أن ترتفع».
ويأتي هذا الارتفاع في تدفقات الاستثمارات الأجنبية إلى الأسهم الصينية هذا العام في وقت قامت فيه العديد من صناديق التقاعد الحكومية في الولايات المتحدة، مثل تلك في تكساس وإنديانا، بسحب استثماراتها من الشركات الصينية نتيجة لتقلب العلاقات الأميركية الصينية.
ومع ذلك، لا يزال بعض المستثمرين حريصين على التعرض لشركات التكنولوجيا الصينية المبتكرة، جزئياً كوسيلة لتنويع محافظهم بعيداً عن الأسواق الأميركية التي تتداول بالقرب من مستوياتها القياسية، ولا تزال أسهم مثل «علي بابا» دون أعلى تقييماتها السابقة، وتتداول بخصومات مقارنة بنظيراتها الأميركية.
وقال موريس: «لا أحد يريد أن يضع 100% من محفظته في ناسداك».
كن أول من يعلق على الخبر
تحليل التعليقات: