نبض أرقام
00:27
توقيت مكة المكرمة

2024/06/17
2024/06/16

"تاتشر" .. ابنة البقال التي نجحت بقبضتها الحديدية في إنقاذ الاقتصاد البريطاني من المجهول

2017/10/28 أرقام - خاص

في عام 1950، قال "ألفريد روبرتس" والد "مارجريت تاتشر" لأحد زبائنه في محل البقالة الخاص به يدعى "ألان بينيت"، إن ابنته "مارجريت" يمكنها أن تصبح رئيسة وزراء بريطانيا إذا وضعت الفكرة في رأسها.
 

بعد 30 عاماً تقريباً من ذلك التاريخ، وتحديداً في مايو/أيار عام 1979 أصبحت "تاتشر" رئيسة وزراء بريطانيا، ولكنها احتلت ذلك المنصب في نهاية عقد صادم بالنسبة للبلاد، بلغ خلاله معدل التضخم 25%، كانت شركات القطاع الصناعي تعمل ثلاثة أيام فقط في الأسبوع، واستحقت بريطانيا في ذلك الوقت لقب "رجل أوروبا المريض".
 

حاولت "تاتشر" خلال ولاياتها الثلاث بكل ما أوتيت من قوة وعزم الحيلولة دون انزلاق الاقتصاد البريطاني إلى المجهول، وفي سعيها لتحقيق ذلك اتبعت شكلاً من أشكال الرأسمالية التي لا ترحم.
 

وفي حين أن "ابنة البقال" أسهمت في دفع الاقتصاد البريطاني نحو تحقيق معدل نمو غير مسبوق، إلا أن إرثها في القضايا الاقتصادية بالتحديد لا يزال مثيراً للجدال والانقسام. حيث يرى البعض أن سياساتها زرعت أيضاً بذور أزمة 2008، وتجاهلت احتياجات العمال والفقراء.

 

"تاتشر" .. ابنة البقال التي نجحت بقبضتها الحديدية في إنقاذ الاقتصاد البريطاني من المجهول

النقطة

 

 

الإيضاح

وضع كارثي.. وبداية مؤلمة

 

 


- تولت "تاتشر" رئاسة الوزراء لتصبح أول امرأة تتولى ذلك المنصب وكذلك أول امرأة تقود قوة غربية في العصر الحديث، وذلك في وقت كانت تمر فيه بلادها بحالة كارثية، فقد أصبحت بريطانيا بعد الحرب بمثابة مختبر تجريبي لمزيج من السياسات الاشتراكية والرأسمالية.


- كانت بداية مؤلمة. ففي السنوات الأولى من حكمها انتشرت البطالة مع خفض حجم الإعانات الحكومية للصناعات المتعثرة، كما أدت السياسة المالية المتشددة إلى رفع أسعار الفائدة إلى 22%، وتعطيل الاستثمار الداخلي وإلحاق الضرر بالقدرة التنافسية للبلاد في الخارج، وإفلاس 10 آلاف شركة تجارية.


- في ذلك الوقت، قالت "تاتشر" إن الأمر سيستغرق سنوات لمعالجة الأوضاع السلبية التي سببتها الاشتراكية في بريطانيا مشيرة إلى أن "الأمور ستزداد سوءًا قبل أن تتحسن".


- في سعيها لفرض سيطرتها على مجريات الأمور، قامت "تاتشر" بسحق النقابات العمالية التي قادت مجموعة من الإضرابات العمالية استمرت لما يقرب من عام، واستخدمت قوات مكافحة الشغب في مواجهة عمال المناجم، ورفضت الرضوخ لمطالبهم.
 

الخصخصة والتخلي عن الصناعات المؤممة

 

 


- في تصريح لها بعد مغادرتها لمنصبها، قالت "تاتشر" إن بريطانيا كانت أول دولة في العالم تتخلى عن الاشتراكية. وفي الحقيقة إذا كانت الاشتراكية تعني ملكية الدولة للصناعة، فإن هذا الادعاء صحيح ولا يمكن إنكاره. ففي عام 1979 كانت صناعات الكهرباء والغاز والمياه والفحم والصلب وشركة الاتصالات البريطانية وشركة "بي بي" جميعها مملوكة للدولة.


- أدى التزامها بسياسات السوق الحرة إلى بيع مجموعة من الصناعات المملوكة للدولة من بينها شركات "بريتش جاز" و"الخطوط الجوية البريطانية" و"بريتش ستيل" وهيئة المطارات البريطانية.

 

- لم تؤمن "تاشتر" بأسلوب "اختيار الفائزين" وفضلت بدلاً من ذلك ترك الأمر لقوى السوق لتحديد الأصلح من بين هذه الشركات. ولكن الدولة في نفس الوقت حافظت على سيطرتها على بعض القطاعات من بينها السكك الحديدية، على سبيل المثال.

 

- مع بيع الصناعات المملوكة للدولة، وجد حوالي 900 ألف موظف أنفسهم فجأة تابعين للقطاع الخاص. وتم بيع أكثر من مليون وحدة سكنية تمتلكها الدولة إلى شاغليها، وأعلن وزير الخزانة البريطاني "نايجل لوسون" في عام 1985 أنه للمرة الأولى منذ الستينيات لن يُطلب من وزارة الخزانة تمويل عجز الموازنة في الميزانية المالية القادمة.

 

- حظيت عمليات الخصخصة هذه بشعبية كبيرة في ذلك الوقت، وذلك لأنها استبدلت احتكارات الدولة بشركات خاصة تتنافس مع بعضها في السوق، مما أدى إلى تحسين الكفاءة.

 

- نجحت حكومة "تاتشر" في خفض الدين الحكومي من 43.6% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 1979 إلى 26.7% في عام 1990، وقامت كذلك بتخفيضات ضريبية كبيرة، فعلى سبيل المثال، قامت في ميزانية عام 1988 بخفض أعلى معدل للضرائب من 60% إلى 40% والمعدل القياسي من 27% إلى 25%، وذلك في سعيها لتعزيز ودعم ريادة الأعمال.
 

الجانب الآخر

 

 

 

- يشير معارضو "تاتشر" إلى أن هناك العديد من الإخفاقات الاقتصادية والاجتماعية المهمة التي تعتبر جزءًا لا يتجزأ من إرثها. أولاً كانت هناك زيادة في عدم المساواة سواء في الدخل أو في السياسات الضريبية التي فضلت الأغنياء.

 

- أما الانتقاد الثاني، فهو قيامها بإلغاء جزء كبير من الضوابط التنظيمية المفروضة على القطاع المالي في عام 1986، مما أدى إلى تراكم الكثير من الاستثمارات الخطرة لدى البنوك البريطانية التي اضطرت الحكومة لإنقاذها بأموال دافعي الضرائب في عام 2008 لتجنب الانهيار.

 

- في عام 1979، كانت هناك قواعد صارمة تحكم أنشطة الرهن العقاري، وكيفية شراء وبيع الأسهم وحجم المال الذي يسمح باستثماره بالخارج. قامت حكومة "تاتشر" بإلغاء أغلب هذه الضوابط، ومكنت هذه التغيرات أي زوجين شابين من الحصول على رهن عقاري، ولكنها في نفس الوقت صعبت مهمة الحكومة في الحيلولة دون تصرف البنوك بتهور.


- ورغم ذلك، تبقى إنجازات "تاتشر" مثيرة للإعجاب، وذلك لأنها تعتبر واحدة من بين عدد قليل جداً من السياسيين الذين قاموا بتطبيق أفكارهم في فترة ما بعد الحرب بثبات ودون تراجع، وهو ما جعل الصحافة الروسية تطلق عليها لقب "المرأة الحديدية".
 

 

تعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

{{Comments.indexOf(comment)+1}}
{{comment.FollowersCount}}
{{comment.CommenterComments}}
loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.

الأكثر قراءة