ما زالت مشكلة نقص مواد البناء هي التحدي الابرز الذي يواجه القطاع الخاص القطري ، خاصة في ظل الحجم الكبير من المشروعات الانشائية التي تجري في الدولة حاليا، سواء كانت مشروعات حكومية او مشروعات للقطاع الخاص، وهو الامر الذي وضع قطاع المقاولات في مأزق كبير، يحاول الخروج منه باية طريقة.
وطفت على السطح في الايام الاخيرة مشكلة نقص مادة الجابرو والذي يعتبر من المواد الرئيسية في عملية البناء، وحاولت لجنة المقاولات بغرفة تجارة وصناعة قطر الوصول الى حلول لهذه لمشكلة لتجنب تعطيل المشاريع ولتجنب الخسارة التي يتعرض لها المقاولون بسبب التأخير في المشاريع وارتفاع اسعار مواد البناء.
اللجنة عقدت اجتماعا اواخر الشهر الماضي، ناقشت خلاله ظاهرة ارتفاع اسعار مادة الجابرو والتي تعتبر من المواد الاساسية في البناء، حيث بحث اعضاء اللجنة الاسباب التي ادت الى الارتفاع في اسعارها وتمثلت في ارتفاع تكاليف النقل البحري، تأخير التفريغ في الميناء، نقص خدمات التخزين والتفريغ.
واصت اللجنة بعدة حلول للمشكلة ابرزها حث الملاك على استخدام الكنكري الجيري "lime stone" في المشاريع الخاصة وبالتنسيق مع هيئة المواصفات للمشاريع الحكومية، وطالبت الدولة بتحمل اضرار التأخير، الى جانب تطوير خدمات ميناء مسيعيد، وانشاء شركة موانئ بديلة، ودراسة امكانية دمج وتحويل بعض الشركات الى شركة مساهمة عامة، وزيادة اعداد السيارات التي تنقل الجابرو وتوفير مسارات خاصة بها على الطريق.
هذه التوصيات لم يتم تفعليها على ارض الواقع، مما زاد في تفاقم المشكلة، والتي أثيرت مرة أخرى في اجتماع مجلس الاعمال والذي عقد بفندق الشيراتون منتصف الشهر الجاري، حيث ما زال قطاع المقاولات يبحث عن حلول جذرية للمشكلة.
حلول لبعض المشاكل
السيد محمد بن احمد بن طوار الكواري عضو المكتب التنفيذي بغرفة تجارة وصناعة قطر والامين العام لمجلس الاعمال، قال ل"الشرق" ان مشكلة نقص مواد النباء وارتفاع اسعارها ستكون من بين القضايا المهمة التي ستطرح خلال اللقاء التشاوري الثاني لمعالي الشيخ حمد بن جاسم بن جبر ال ثاني رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية مع رجال الاعمال القطريين والمنتظر ان يعقد خلال شهر مايو المقبل، مشيرا الى ان القضايا التي تواجه قطاع المقاولات كانت قد عرضت خلال اللقاء التشاوري الاول مع رئيس الوزراء في السنة الماضية، حيث تم طرح المشاكل التي يواجهها قطاع المقاولات وخصوصا ارتفاع اسعار مواد البناء ونقص الموانئ.
وقال إن الأسباب التي كانت قد ادت الى وجود تلك المشاكل عديدة لكن ابرزها نقص الموانئ وارتفاع اسعار الحديد القطري بسبب التصدير، والاحتكار بالنسبة للموانئ، لافتا الى انه تم نتيجة طرح هذه المشاكل في اللقاء، الوصول الى حلول لبعض المشاكل ، حيث تم تخفيض الاحتكار في بعض القطاعات، وتثبيت اسعار مواد البناء في المناقصات الحكومية من خلال هيئة الاشغال العامة، مضيفا: "نحن نضع المشاكل التي يواجهها القطاع الخاص ومنها مشاكل المقاولين على طاولة المسؤولين ونطالب بحلول لها وهذا هو دورنا، ونقوم به باكمل وجه، فمثلا مشكلة النقل ما زالت قائمة حيث ان الشاحنات الان تتنقل شبه فارغة بسبب قرار تحديد الاوزان، وقد عقدنا عدة اجتماعات مشتركة مع الجهات ذات العلاقة ونريد ان نحصل على شهادة جامعة قطر تفيد بضرورة تحديد الاوزان على اساس المحاور لكل سيارة، بحيث يكون لكل محور وزن محدد".
إلغاء الاحتكار
وأشار بن طوار الى ان الشركة الحكومية المتخصصة بمواد البناء والتي تم تأسيسها لغاية توفير مواد البناء، لم تفعل شيئا حتى الان ولم تدخل مرحلة التشغيل، كما ان القطاع الخاص حصل على بعض التسهيلات، فالمحاجر كانت شبه محتكرة، ولكن الاحتكار الان اقل من السابق، ونحن نسعى لالغاء الاحتكار كليا.
واكد حاجة القطاع الخاص الى موانئ مؤقتة لتفريغ مواد البناء ، مضيفا: "يجب ان يكون هنالك حلول طارئة لهذه الازمة، دائما يوجد مطالبة حثيثة للمسؤولين، فالحديد يجب ان يباع محليا فقط مع عدم التصدير طالما يوجد نقص في السوق المحلي، فالاولى تغطية السوق المحلي ومن ثم التصدير، لا فتا الى ان شركة الاسمنت وكما اكد رئيسها السيد سالم بطي النعيمي في اجتماع مجلس الاعمال، سوف توفر الاسمنت بشكل اكبر هذا العام من خلال زيادة الانتاج والاستمرار في الاستيراد، موضحا ان الكم الكبير من المشاريع جعلت هنالك طلبا كبيرا على مواد البناء .
استيعاب الموانئ
المهندس ناصر المير رئيس لجنة المقاولات بغرفة تجارة وصناعة قطر قال إن ازمة الجابرو وقعت بسبب ارتفاع حجم الطلب بشكل قياسي، فكمية الطلب على الجابرو كبيرة جدا وتفوق المعروض بكثير، وهو الامر الذي ادى كذلك الى ارتفاع اسعارها، مشيرا الى ان السوق يستوعب كميات كبيرة من الجابرو، ولكن المشكلة تكمن في عدم قدرة الموانئ على استيعاب الكميات المطلوبة، فالموانئ غير كافية لتنزيل الجابرو والبواخر ولذلك اصبح هنالك شح في توريدها الى قطر، ولذلك ارتفعت الاسعار، وكل يوم هنالك ارتفاع في مواد البناء، مما يؤثر في ارتفاع التضخم.
واشار الى ان اجتماع لجنة المقاولات والذي عقد مؤخرا تناول مشكلة ارتفاع أسعار الجابرو ، والتي حدثت لعدة اسباب ترجع إلي ارتفاع تكاليف النقل البحري وتأخير التفريغ في الميناء، إضافة إلي نقص خدمات التخزين، لافتا الى انه اقترح خلال الاجتماع عددا من الحلول منها حث الملاك علي استخدام الكنكري الجيري في المشاريع الخاصة بالتنسيق مع هيئة المواصفات للمشاريع الحكومية، وأن تتحمل الدولة أضرار التأخير، مع ضرورة تطوير خدمات ميناء مسيعيد وإنشاء شركة موانيء بديلة وزيادة أعداد السيارات التي تنقل الجابرو مع توفير مسارات خاصة بها.
استخدام الكنكري
وأكد المير انه لا يزال يدعو جميع المقاولين الى استخدام الكنكري "لايم ستون" وهو منتج من قطر، وذلك لتخفيف الضغط على الجابرو، وقال انه يوجد من الكنكري نوعيات جيدة ويمكن استخدامها في جميع المنشآت والمشاريع، مشيرا الى ان الدولة تطلب استخدام الجابرو في مشاريعها الخاصة، ولكنه يرى ان استخدام القطاع الخاص للكنكري سوف يخفف عليه التكلفة، الى جانب انه يخفف من الضغط على الجابرو.
دراسة مفصلة
واكد المير وجود ازمة كبير في مواد البناء وارتفاع اسعارها، مشيرا الى انه تقدم شخصيا بدراسة مفصلة الى مجلس ادارة غرفة تجارة وصناعة قطر، وضع فيها آلية محددة للتخفيض من التضخم الحاصل حاليا.
وقال ان الدراسة موجودة الان في مكتب رئيس الغرفة، كما انها عرضت على مجلس الادارة في الاجتماع السابق، وسيتم تحريكها خلال الاسبوع المقبل بهدف اقرارها من مجلس ادارة الغرفة بشكل نهائي، ومن ثم رفعها الى مكتب معالي رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية، وذلك قبل موعد انعقاد الاجتماع التشاوري الثاني لمعاليه مع مجلس الاعمال والمقرر في مايو المقبل.
واضاف: "هنالك تحرك حثيث وسأبدأ الاسبوع المقبل بالتحرك مع سعادة رئيس الغرفة والاعضاء لبلورة الدراسة".
دعم السلع
وكشف ل"الشرق" عن ابرز الملامح الاساسية للدراسة، موضحا انها تتطلب تقديم دعم من الدولة للسلع الاساسية لتخفيض اسعارها، وهذه السلع هي كل من الاسمنت والحديد والكنكري -الجابرو والرمل، كما تتضمن الدراسة احصائية شاملة للانتاج المحلي والمستورد ومقارنة بين الاسعار السابقة والحالية ، وكيفية الدعم، وسترفع الى مكتب معالي رئيس الوزراء بعد اقرارها من مجلس الادارة بشكل نهائي.
واكد ان تطبيق الدراسة سوف يخفض الاسعار بنسبة لا تقل عن 30% وهذا سينعكس على جميع المنشآت من حيث تقليل تكلفتها، مما سينعكس على تخفيض الايجارات والمعيشة، كما انها سوف تسهم بشكل كبير في خفض معدل التضخم.
وقال إن لجنة المقاولات سوف تعقد اجتماعا الاسبوع المقبل، موضحا انه سوف يقوم خلال الاجتماع بطرح الدراسة على الاعضاء لمعرفة رأيهم فيها وبلورة بعض البنود والارقام بشكل كامل.
طلب متزايد
ومن جهته قال رجل الاعمال محمد نور العبيدلي ان جزءا من الارتفاع الحاصل في الاسعار الاولية لجميع مواد البناء، حدث نتيجة للطلب المرتفع عليها ، حيث وصل الى حده الاقصى نتيجة الطفرة العمرانية السائدة في البلاد والطلب الكبير على الاسمنت والحديد والرمل والملحقات الاخر مثل الطابوق، مضيفا: "بدأنا نستورد الطابوق من السعودية علما بان معامل الطابوق كانت تكفي السوق المحلي، ولكن اضطرت العديد من الشركات الى استيراده من السعودية بسبب توافره ولان أسعاره ارخص من السوق المحلي".
واشار الى ان ازالة مناطق عديدة تطلب بناء وحدات بدلا منها مما زاد الطلب على مواد البناء، الى جانب مشاريع الطرق والتي وصلت في احيان كثيرة الى مرحلة عدم توفر الطبقة الاسفلتية.
الدعم مطلوب
واشار الى انه خلال اجتماع مجلس الاعمال الاسبوع الماضي تم طرح هذا الموضوع بشدة، وكانت هنالك مطالبة للمسؤولين بحل هذه المشكلات لان النتائج اصبحت كارثية على البعض، لافتا الى انه في ضوء هذا الوضع فان الوحدات السكنية التي تبنى ستكون اسعارها مرتفعة وايجاراتها مرتفعة ايضا مما سينعكس سلبيا على المواطنين والمقيمين، متابعا: "اذا ظلت الاسعار بهذا الحال فان قانون الايجارات الجديد لن يكون مؤثرا، الا اذا قامت الدولة بدعم مواد البناء لتخفيض اسعارها.. فمع ارتفاع اسعار النفط لا بد من دعم جميع السلع الضرورية، كما من الضروري التخطيط المحكم للمشاريع وعدم تركها للعشوائية ، لان التخطيط لعدة سنوات يجنبنا التضخم الشديد".
وقف المشاريع
رجل الأعمال محمد بن راشد سريع الكعبي قال إن أسعار مواد البناء اصبحت خيالية بدءا من المسمار وحتى الجابرو والحديد والاسمنت والخشب والرمل، لافتا الى ان اسعار النقل ايضا ارتفعت لمستويات قياسية، هذا عدا عن شح وعدم توافر بعض مواد البناء الاساسية مثل الجابرو والحديد والاسمنت.
واشار الى انه لا يمكن الخروج من هذه الازمة في قطاع المقاولات والتعمير الا من خلال اتخاذ قرار صريح من قبل وزارة البلدية بعدم اصدار رخص لمشاريع جديدة بمعنى ايقاف المشاريع وذلك لفترة زمنية محددة ولحين انتهاء ازمة مواد البناء، لاتاحة الفرصة للمشاريع القائمة حاليا لكي تنجز وتكتمل بدون اية مشاكل وبأسعار معقولة لمواد البناء.
ارتفاعات قياسية
وأشار الى أن اسعار بعض المواد والنثريات الصغيرة قد ارتفعت اسعارها بنسبة 100 بالمائة، واجور تحميل الرمل مثلا ارتفعت من 25 ريالا للسيارة الى 150 ريالا، اما اجور النقل فقد ارتفعت بشكل كبير من 300 ريال للنقلة الواحدة الى 1500 ريال، وذلك بعد تطبيق قرار تحديد اوزان الشاحنات ، لافتا الى ان اسعار الاسنت ثابتة نظرا لقيام شركة قطر للاسمنت بالسيطرة على الاسعار ولكن المشكلة تكمن في نقص الاسمنت.
تحليل التعليقات: