نبض أرقام
12:43 م
توقيت مكة المكرمة

2025/06/29
2025/06/28

الأزمة . . نعمة أم نقمة؟

2010/12/30 الخليج ـ رون هنجي

نتساءل اليوم مراراً وتكراراً - متى نتوقع تعافي السوق العقاري في دبي؟ لم نكن نتساءل قبل العام 2008 عن متى يتوقع أن يتم تصحيح هذا السوق . يعتبر سوق دبي العقاري أحد الأسواق الناشئة، وبالنظر إلى نماذج لأسواق ناشئة أخرى مثل هونع كونغ و”وادي السيليكون” في الولايات المتحدة الأمريكية، فإن الأسواق الأخيرة تصحح نفسها ومؤشرات الركود لديها بالغة الأهمية والسرعة على نحو دائم . ويعتبر “متى” هو العامل الأصعب للتوقع .

على مدار السنوات السابقة، كانت الأسواق الناشئة تتطلب عادةً حوالي من ثماني سنوات إلى عشر قبل أن تنفجر فقاعة الطفرة العقارية . ولو كان الحال ذاته مع دبي، لكانت الطفرة العقارية قد حدثت في الفترة ما بين 2012 و2014 .

حين انطلقت موجة تصحيح الأسواق في العام ،2008 لم نكن مستعدين مطلقاً على الرغم من ظهور البوادر الأولى للأزمة في دول الغرب قبل ذلك، معتقدين بطريقة أو بأخرى أن القوى المحركة لاقتصاد دبي سيجعلنا بمعزل عن الركود الاقتصادي العالمي . ونتج عن تصحيح الأسواق في العام 2008 انهيار عدد كبير من المستثمرين، كما ستستمر معاناة العديد من قطاعات الأعمال لفترة من الزمن .

تكمن الحقيقة الخفية في أن عملية تصحيح الأسواق التي حدثت في العام 2008 قد تثبت بأنها نعمة وليست نقمة، حيث ستثمر عن العديد من الفوائد التي تساعد على التخلص من الكثير من الممارسات السلبية التي تلعب دوراً كبيراً في تعزيز الركود والكساد الاقتصادي .

وفيما لو استمر السوق العقاري في دولة الإمارات بالازدهار لحين 2012-2014 لعادت عملية التصحيح وعواقبها بآثار بالغة الخطورة تتمثل في انهيار الأسواق في ضوء الانخفاض الملحوظ للأسعار والذي ممكن أن يكون بنسبة 70-80% مقارنة مع فترات الازدهار . ولكانت حتى أكثر قروض البنوك حذراً قد خرجت بنسب خسارة لا تستحق الذكر .

نشهد في الوضع الراهن عودة دوران عجلة السوق العقاري مصحوبة بالعديد من قوى الضغط لخفض الأسعار في كافة القطاعات العقارية فيما يتعلق بالإيجارات وقيم رأس المال . وباتت أسعار العقارات والإيجارات اليوم في متناول العديد من الأفراد والمستثمرين، الذين انتهزوا فرصة التراجع الحالي لأسعار العقارات . ومن المرجح أن تستقر الأسعار في العام ،2011 حيث يظهر تأثير حجم العرض الجديد واضحاً . وكما هو الحال بالنسبة لمؤشرات أسواق ناشئة أخرى، فإنه من غير المرجح ارتفاع الأسعار لعدة سنوات مقبلة . وفي الوقت الذي ترتفع فيه الأسعار، فإن ذلك سيكون ضمن نمو مستدام ومدروس .

لطالما عولت إمارة دبي في قوتها الاقتصادية على بنيتها التحتية المتطورة، وتشريعاتها الاقتصادية المعاصرة، التي استطاعت على مدى العقد الماضي، على الأقل، استقطاب رؤوس الأموال والشركات للعمل وتحقيق الأرباح على أراضيها، وتحولت الإمارة إلى وجهة مفضلة ليس للعمل فقط، ولكن للمعيشة وبناء الحياة . كما تعد المملكة المتحدة مثالاً للدولة التي تمتلك أكثر البنى التحتية تطوراً في العالم على مر العقود، والتي تتميز أسعار العقارات فيها بأنها الأعلى عن أوروبا وباقي العالم . وبالتأكيد هناك العديد من العوامل التي تسهم في دعم الافتصاد الوطني للدول، ولكن وجود بنية تحتية متطورة تأتي في مقدمة هذه العوامل .

لقد أثار الإعلام الغربي صخباً كبيراً حول دبي على مدار السنتين الماضيتين، مركزاً على قضية الديون والمناطق المملوكة من قبل الأجانب والتي تمثل حوالي 15% من المنطقة الحضرية المتطورة للمدينة فقط، في حين تم التغاضي عن السوق العقاري الآخر المملوك من قبل مواطني دول مجلس التعاون الخليجي، وحتى إن إعلامنا المحلي قد كان مقصراً في هذا الخصوص . وعلى مر العقود السابقة، كان للقطاع العقاري المملوك من قبل مواطني دول الخليج دور كبير في دفع عجلة اقتصاد دبي، ويستمر وضع السوق ذاته اليوم وإن كان بقيم أقل للإيجارات ورؤوس أموال أقل .

تعمل المناطق الحرة في الدولة بشكل جيد اليوم، وبدأت السياحة تنتعش من جديد مع إعلان المنتجعات والفنادق بالدولة عن نسب إشغال جيدة، فضلاً عن تسجيل مطارات الدولة وطيران الإمارات لمعدلات نمو قياسية لحركة المسافرين، الأمر الذي كان بمثابة مفاجأة سارة للجميع!

وقد أشارت دراسة أخيرة إلى ارتفاع معدل الاشغال الفندقي في فنادق دبي خلال الأشهر السبعة الأولى من العام الجاري إلى 77% مقابل 74% حققتها فنادق دبي خلال الفترة ذاتها من العام الماضي ،2009 والذي اعتبره خبراء القطاع السياحي عام المعاناة للقطاع السياحي على مستوى العالم، حيث كان الأثر الأكبر للأزمة المالية العالمية على القطاع . وبالإضافة إلى ذلك، يعتبر مطار دبي الدولي، بحسب تقرير أخير أعدته مجلة “أو أيه جي” البريطانية، مساهماً كبيراً في النمو القوي الذي يشهده قطاع الخدمات الجوية في منطقة الشرق الأوسط .

أما في ما يخص مجال أعمالنا في العقارات، فأستطيع القول إن القطاع قد عاد اليوم لمستويات تصل إلى 60% مما وصل إليه قبل الربع الثالث من العام 2008 عندما ضربت مطرقة الأزمة المالية العالمية، ويبدو أن القطاع سيستقر على هذه المستويات لفترة من الزمن .

تواجه دبي خلال مرحلة ما بعد الأزمة عدداً من التحديات التي تعمل على التغلب عليها، ومع ذلك فإن هناك دافعاً آخر يتمثل بحرص حكومة دبي على اعتماد أفضل الممارسات العالمية في ما يخص عدداً من القضايا المتعلقة بالقطاع العقاري والتي يأتي بضمنها تشريعات تقييم العقارات وطبقات البناء وغيرها . يمكن لكافة هذه العوامل أن تلعب دوراً حيوياً في إعادة ثقة المستثمرين في الأسواق، وهو أهم ما نطمح إليه في الوقت الحاضر .

لقد شهدت دبي ثلاث حروب خلال الفترة التي عشت فيها في الإمارة . فخلال الحرب العراقية الإيرانية التي استمرت ثماني سنوات خلال فترة الثمانينات، برزت “أحواض دبي الجافة” كواحدة من أهم شركات إصلاح وتحويل وبناء السفن العالمية، والتي لا تزال تحتفظ بمكانتها الهامة اليوم . ولطالما أظهر السكان من المواطنين إيماناً قوياً بالاقتصاد الوطني، كما هو الحال بالنسبة لمجموعة كبيرة من المستثمرين الخليجيين الذين قاموا بتطوير عقارات في الدولة وخاصة دبي . يتحتم علينا اليوم نحن أيضاً أن نثق بالاقتصاد المحلي ونتحلى بالتفاؤل والقدرة على مواكبة التغيرات .

التعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.