نبض أرقام
12:47 م
توقيت مكة المكرمة

2025/06/29
2025/06/28

مبدأ حرية التجارة والقيود الواردة عليها

2011/02/07 القبس ـ عبدالرزاق عبدالله

تطبيقا لمبدأ الحرية والمساواة بين المواطنين امام القانون فإنه يجوز لكل شخص مزاولة التجارة متى توافرت لديه الأهلية والشروط القانونية لذلك.
ولكون التجارة من الأمور المتعلقة بالمصلحة العامة فإن المشرع يتدخل ويفرض بعض القيود على مباشرتها كالحصول على التراخيص او الشهادات العلمية، وقد يمنع المشرع على فئة من الناس مزاولة التجارة مؤقتا او مطلقا لاعتبارات خاصة مثل الموظفين العموميين.

وفي السياق ذاته، تتعين التفرقة بين انعدام او نقص الاهلية الذي لا يكون فيه الشخص صالحا لمباشرة التجارة لسبب يتعلق بقواه العقلية والجسدية وبين عدم توافر الشروط التي يتطلبها القانون لمزاولة النشاط التجاري، اذ يكون الشخص في الفرض الاخير ممنوعا من التجارة لاعتبارات تتعلق بالمصلحة العامة مع توافر اهلية صالحة للعمل بالتجارة من ناحية السن والملكات العقلية والجسدية.

وأهمية هذه التفرقة ترجع الى الاثر القانوني المترتب عليها. ذلك ان عديم الاهلية او القاصر لا يكتسب صفة التاجر اذا باشر العمل التجاري، بينما الممنوعون من التجارة يكتسبون صفة التاجر اذا قاموا بأعمال تجارية على وجه الاحتراف رغم مخالفتهم الحظر او عدم استيفاء الشروط القانونية لمباشرة التجارة.

وهناك حالتان لا يجوز فيهما للشخص مزاولة التجارة في الكويت هما حالة الاجنبي ما لم يتخذ شريكا او وكيلا. ذلك ان مبدأ حرية التجارة المعمول به في كل دولة يكون مقررا لمصلحة مواطنيها، فمن المقبول ان يضع المشرع قيودا على الاجنبي الذي يريد مزاولة التجارة في الدولة رعاية للمصلحة الوطنية. فلا يجوز للأجنبي مباشرة التجارة في الكويت سواء اتخذ له محلا تجاريا او لم يتخذ، دون ان يكون له شريك كويتي او اكثر، كما لا يجوز لعدد من الاجانب مباشرة التجارة في الكويت في شكل شركة دون ان يكون لهم شريك كويتي او اكثر، وفي جميع الاحوال يجب الا تقل حصة الشركاء الكويتيين عن %51 من رأس المال، والعلة في ذلك ان المشرع أراد ان تكون الغلبة للجانب الكويتي في إدارة الشركة واتخاذ قراراتها لمقتضيات المصلحة العامة الوطنية.

واذا خالف الاجنبي هذا الشرط وباشر اعمال التجارة في الكويت فإن ذلك لا يحول دون اكتسابه صفة التاجر وترتيب آثارها حتى لا يستفيد من مخالفته والإضرار بحقوق الغير حسني النية والإفلات من الخضوع لقواعد القانون التجاري التي تفرض على التجار التزامات معينة بما فيها الخضوع لأحكام الافلاس. وبالمنطق ذاته فان صفة التاجر تلحق بالشركة الاجنبية التي تباشر العمل في الكويت دون ان يكون لها وكيل كويتي، حتى لا يفلت فرعها في الكويت من تطبيق احكام القانون الكويتي، حماية لحقوق الغير حسني النية ممن تعاملوا معها في الكويت. لكن لا يعني ذلك السماح للأجنبي بالاستمرار بالتجارة داخل الكويت، بل يتعين انهاء نشاطه واغلاق محله التجاري مع توقيع الجزاءات القانونية لمخالفته أنظمة البلاد، ولكن هذا الحظر ليس على اطلاقه حيث توجد معاملات لغير الكويتيين مع البنوك المحلية وشركات الاستثمار والصرافة المحلية قد اجازها المشرع بموجب القانون رقم 45 لسنة 1989 لما في ذلك من دعم للنشاط الاقتصادي واستقرار العلاقات التجارية.

ومن الحالات التي يمنع فيها المشرع مزاولة العمل التجاري ايضا حالة الافلاس وارتكاب الجرائم المخلة بالشرف والاعتبار. حيث تنص المادة 25 من قانون التجارة انه لا يجوز لكل تاجر شهر افلاسه خلال السنة الاولى من مزاولته التجارة ما لم يرد عليه اعتباره، ذلك لأن هذا التاجر ليس جديرا بالاستمرار في التجارة حيث توقف عن سداد ديونه في السنة الاولى من عمله التجاري، مما استدعى شهر افلاسه لنقص خبرته ودرايته بأحوال السوق واصول التجارة، وقد يعود الى المماطلة وعدم احترام التزاماته التجارية. ونظام الافلاس مقرر اصلا لحماية السوق من التجار المتلاعبين والمماطلين، لذلك فان الحظر يسري ايضا على التاجر الذي حكم عليه بالادانة في احدى جرائم الافلاس بالتدليس او الغش التجاري او السرقة او النصب او خيانة الامانة او التزوير او استعمال الاوراق المزورة، وبديهي ان مثل هذا الشخص ليس جديرا بمزاولة التجارة. واذا باشر احد الاشخاص المذكورين التجارة رغم افلاسه يعد تاجرا وتسري عليه احكام القانون التجاري، رعاية لحقوق الغير حسني النية الذين لم يعلموا بافلاسه كما سبق ان اسلفنا. ولكن اذا كانوا يعلمون وتعاملوا معه رغم ذلك فهم يتحملون تبعة تلك التعاملات مع اشتراكهم في المساءلة القانونية معه اذا ما انطوى التعامل على الغش او الخديعة او تهريب الاموال.

هذا اضافة الى أمكانية مساءلتهم جزائيا بموجب المادة 23 من قانون التجارة التي نصت على ان يعاقب كل من خالف الحظر المذكور بالحبس مدة لا تجاوز سنة واحدة وبغرامة لا تجاوز ماءتين وخمسين دينارا او باحدى هاتين العقوبتين، مع الحكم باغلاق المحل التجاري في جميع الاحوال.

التعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.