نبض أرقام
08:26 ص
توقيت مكة المكرمة

2025/10/18
2025/10/17

بومبارك ينظّف تدريجياً «عفن» شركات الاستثمار

2013/09/29 القبس

لم يختلف اثنان في الكويت أو خارجها على أن شركات الاستثمار كانت في صميم الأزمة المالية المحلية، وأحد أسبابها الجوهرية. فقد انفجرت فقاعة هذه الشركات في عام 2008، وما زالت تداعيات هذا الانفجار الضخم مستمرة حتى يومنا هذا، بعد مرور 5 سنوات بالتمام والكمال على اندلاع الأزمة العالمية.

المشكلة، باختصار شديد، كانت في استغلال الضعف الرقابي من قبل بعض أصحاب رؤوس الأموال، ليبالغ هؤلاء بالاقتراض، متأثرين بـ«جنون العظمة»، ومستخدمين البروباغندا الإعلامية، حتى يفرّخوا شركات، ويتوسعوا في مشاريع ورقية، على حساب مساهمين «مساكين» ودائنين «مخطئين» أو «مغرر بهم».

بعض شركات الاستثمار أخطأ لكنه استطاع معالجة أخطائه في الفترة الماضية، والبعض الآخر، الذي وصلت أخطاؤه إلى حد الخطيئة، ما زال يجرر وراءه ذيول التعثر والخيبة والانكسار والفشل.

أدرك صالح الفلاح، منذ ترؤسه مجلس المفوضين في هيئة أسواق المال، أن معالجة «ورم» شركات الاستثمار، قد يساعد على تنظيف البورصة وقطاع المال والأعمال من «عفن» لطالما أضر بسمعة الكويت على الصعيدين الاقليمي والدولي. وكان بنك الكويت المركزي قد بدأ بالفعل، منذ عام 2009 بتشديد الرقابة والتنظيم على هذا القطاع، وبعد أن تعلم من دروس الأزمة، ومن أهمية عدم ترك الحبل على غاربه.


تقليص العدد

وما ان تم توقيع مذكرة تفاهم بين «المركزي» و«الهيئة» لانتقال الرقابة على شركات الاستثمار إلى الثانية، وبقاء شركات التمويل تحت مظلة الأول، سعى بومبارك إلى وضع لوائح تنظيمية وإصدار تعليمات مفصلة، تعالج مكامن الخلل في قطاع شركات الاستثمار، الذي حرق انفجار فقاعته الأخضر واليابس في القطاع المالي المحلي. بعض هذه التعليمات واللوائح تخص مباشرة شركات الاستثمار ونشاطاتها، وبعضها الآخر يؤثر فيها بطريقة غير مباشرة.

ومن أبرز نتائج تنظيف «عفن» القطاع، الذي يضم وحدات جيدة من دون شك، تراجع عدد شركات الاستثمار من ذروة رقم 100 في 2008 إلى 89 شركة اليوم. وقد بدأ «المركزي»، كما ذكرنا، بحركة تقليص هذا العدد، لكن هيئة الأسواق أصدرت قرارات أخيرا بإلغاء ترخيص نشاط الأوراق المالية لأربع شركات وشطبها من سجل الأشخاص المرخص لهم. وهذه الشركات هي شركة التجاري للاستثمار، وشركة الشمس الاستثمارية، وشركة العقيلة للإجارة والتمويل والاستثمار، والشركة الشرقية للاستثمار. بعض هذه الشركات ذهب إلى التصفية، وبعضها تحول إلى شركات قابضة.

وشطب %11 من رخص شركات الاستثمار، جاء لأسباب عدة، أهمها خسارة رؤوس الأموال خلال الأزمة، وأيضا تغيير نماذج الأعمال أو التصفية لعدم القدرة على توفيق الأوضاع مع شروط هيئة الأسواق وتعليماتها الجديدة.


شطب الإدراجات

كما لجأ رئيس مفوضي الهيئة، منذ توليه منصبه ذا الصلاحيات الكثيرة والكبيرة والقوية، إلى معاقبة كل شركة تتأخر في إصدار بياناتها المالية لفترة 6 أشهر، من دون إجراء أي تعديل لأوضاعها المالية. فجاء شطب إدراج 9 شركات استثمار من البورصة، من ضمن مجموعة أسهم تم إخراجها في السنوات الماضية.

وشركات الاستثمار المشطوبة أسهمها من البورصة هي: بيت الاستثمار العالمي (غلوبل)، شركة دار الاستثمار، مجموعة عارف الاستثمارية، شركة المسار للإجارة والاستثمار، المجموعة الدولية للاستثمار، شركة الدولية للإجارة والاستثمار، شركة المستثمر الدولي، الشركة الخليجية الدولية للاستثمار (غلف انفست)، وشركة الصفاة للاستثمار.

وكان بومبارك صرح في بداية يوليو 2012، أنه بعد الغاء ادراج شركات «سنرى سوقا ماليا أكثر رشاقة ونظافة، يضم الشركات التي تستحق أن تكون مدرجة في البورصة».


تعليمات وقرارات

لم يكتف صالح الفلاح بهذه الخطوات العملية والمستمرة، بل أصدر قرارات وتعليمات لتنظيم «كل شاردة وواردة» في قطاع الاستثمار وإدارة أموال الغير. بعض هذه القرارات يتعلق بالقطاع مباشرة، وبعضها الآخر يعني جميع الشركات المرخص لها لدى الهيئة، لكن يؤثر في مؤسسات الاستثمار بطريقة مباشرة وغير مباشرة. ومن أهم ما تم إصداره في هذا الجانب:

1 - قواعد حوكمة الشركات التي تعزز الشفافية في تعاملات القطاع، وترفع مستوى سلوكيات المسؤولين في الشركات.
2 - ضوابط خاصة بآلية الترشيح لعضوية مجلس إدارة الشخص المرخص له.
3 - قواعد الكفاءة والنزاهة لأعضاء مجالس الإدارات والمديرين التنفيذيين ومسؤولي الإدارات العليا.
4 - ميثاق العمل الأخلاقي للأشخاص المرخص لهم للعمل وفق أحكام الشريعة الإسلامية.
5 - تنظيم التعامل في الأوراق المالية لأعضاء مجلس الإدارة وأعضاء الجهاز التنفيذي، وغيرهم من الأشخاص المطلعين في الشركات المساهمة وطريقة الإفصاح عنها.
6 - قواعد الافصاح عن المعلومات الجوهرية.
7 - كيفية التعامل مع المعلومات الداخلية.
8 - تنظيم نشاط إدارة المحافظ الاستثمارية والصناديق.
9 - ضوابط الاستثمار في أنواع الصناديق المختلفة: صناديق الأسهم، صناديق الملكية الخاصة، صناديق النقد، صناديق أدوات الدين، الصناديق القابضة، والصناديق العقارية.
10 - ضوابط وإجراءات تنفيذ عمليات الاستحواذ.


تأديب وتوعية

بالإضافة إلى كل ما سبق، أصدرت هيئة أسواق المال في الأعوام الماضية قرارات من خلال مجلس التأديب، حدت من التعاملات المخالفة في سوق الكويت للأوراق المالية، كما خفضت مستويات التداولات الوهمية. وكان لقرار إيقاف مضاربين مؤقتا، على سبيل المثال لا الحصر، تأثير مباشر وغير مباشر على ممارسات شركات استثمارية.

كما أحالت الهيئة عشرات شبهات جرائم التداول إلى نيابة سوق المال، في إشارة إلى تنظيف البورصة من تداولات فاسدة، كانت تقوم بها بعض شركات الاستثمار، لترفيع سهم هنا أو تخفيض سهم هناك، لمصالح أو أغراض باتت مكشوفة.

وفي سياق متصل، عقدت هيئة الأسواق ورش عمل، وأصدرت بيانات صحفية ونشرات إعلانية، لتوعية الوحدات الخاضعة لرقابتها بأسس الاستثمار والمخالفات المحتملة. ومن هذه الورش والنشرات ما تناول ضوابط الاستثمار في الصناديق، وأصول وقواعد الاستثمار، وسلوكيات التداول المخالفة.


أرقام وحقائق

وبالتوازي مع «ثورة» التنظيم والتنظيف التي أطلقها بومبارك، تقلص حجم أصول شركات الاستثمار، التقليدية والإسلامية، بعد «نفخ متعمد» تعرضت له قبل الأزمة، وفي ظل شطب رخص بعض الشركات. ووفق آخر أرقام البنك المركزي، تراجعت موجودات شركات الاستثمار أكثر من %40 آخر 5 سنوات، من 18.5 مليار دينار في يوليو 2008 إلى 11 مليارا في يوليو 2013. كما تقلصت الأصول المدارة لمصلحة الغير أكثر من %36.6 خلال الأزمة المالية، ووصل حجمها إلى 18.9 مليار دينار كما في يونيو الماضي، مقارنة مع 29.8 مليار دينار في ذروة 2008.

إلى ذلك، ما زالت البنوك المحلية تعمل على تخفيض انكشافها على شركات الاستثمار، من خلال عمليات سداد أو تسويات ديون عبر تبادل أصول عينية. وقد تراجع حجم تمويلات البنوك الممنوحة للمؤسسات المالية غير المصرفية (معظمها شركات استثمار) أكثر من %37 خلال سنوات الأزمة الخمس، من 2.7 مليار دينار في يوليو 2008 إلى 1.7 مليار في يوليو الماضي.

وكانت معظم شركات الاستثمار عملت على تغيير نماذج أعمالها في الفترة الماضية، وأعادت هيكلة أصولها وتدفقاتها النقدية بعد دروس الأزمة المريرة. كما لجأت شركات إلى الاندماج كحل لتقوية ميزانياتها. غير أن بعض «الشركات الطفيلية» ما زال متربصا بالسوق، وجل ما يفعله البحث عن ثغرات القوانين للنفاذ منها، والاستمرار بممارساته الضالة المضللة.


أما بعد..

في الختام، يشيد مراقبون بدور هيئة أسواق المال في تحريك المياه الراكدة والآسنة في شركات الاستثمار، وتنظيف القطاع من «العفن» والتعثرات والممارسات المخالفة، بعد سنوات من الفلتان الرقابي والتنظيمي. ويقول هؤلاء ان صالح الفلاح استطاع وضع الأمور على السكة الصحيحة، في وقت تتأخر فيه وزارة التجارة والصناعة عن توقيع مذكرة تفاهم واضحة مع هيئة الأسواق، كما تتأخر في إصدار منظومة الإعسار والإفلاس، التي يعوّل عليها الكثير من المساهمين والدائنين، للخروج من «شباك العنكبوت»، التي وقعوا فيها مع عشرات التعثرات وشبه الافلاسات في قطاع شركات الاستثمار وغيره.

ويقول هؤلاء المراقبون «حسنا فعلت الدولة بوضع أصعب الملفات في يد من يحاول تطبيق القانون بحذافيره»، مطالبين الجهات الرسمية الأخرى بالتعاون مع هيئة الأسواق، للوصول إلى قطاع استثماري سليم، معافى من كل الأورام السرطانية!


جرأة مطلوبة لتسمية المدانين بأسمائهم

إن كان يُحسب لهيئة أسواق المال تحويل عشرات شبهات جرائم التداول إلى نيابة سوق المال وعشرات الحالات إلى مجلس التأديب، ما زال ينقصها بعض الجرأة لتسمية المخالفين المدانين بأسمائهم. فكما تفعل هيئة الأسواق في السعودية، وكذلك في الامارات، يسأل مراقبون الهيئة أن تسمي المتهمين بأسمائهم، والذي صدر بحقهم أحكام من قبل النيابة، حتى يرتدعوا ويرتدع معهم بقية المتلاعبين المتربصين!.

التعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.