الشريك المدير في «راسل بدفورد» الكويت: إيجابيات تصفية الشركات المتعثرة تفوق سلبياتها
2015/05/17
القبس

يؤكد مدقق الحسابات والشريك المدير في «راسل بدفورد» الكويت، إحدى الشركات المتخصصة في تقديم خدمات المحاسبة والتدقيق والضريبة والاستشارات الاقتصادية والإدارية، بدر العبدالجادر، إن مصفي الشركات يواجهون تحديات ومعضلات كبيرة في اداء مهامهم، خصوصاً في الشركات المتعثرة التي يكون لمديريها أو مجلس ادارتها دور رئيسي في تعثرها أو افلاسها، إذ يعمد هؤلاء إلى إخفاء بيانات مالية واتلاف مستندات جوهرية، مما يترتب عليه تعطيل لدور المصفي في تصفية الشركة وممارسة سلطاته وفق الجدول الزمني المحدد.
لكن العبدالجادر، في المقابل، لا يعفي بعض المصفين من المسؤولية، إذ يقول إنهم يتلاعبون باثبات ديون ورقية غير فعلية لمصلحة أطراف ذوي علاقة ببعض المساهمين الرئيسيين وتصنيفها ديونا ممتازة، فضلا عن المبالغة في الأتعاب، والحصول عليها قبل سداد مستحقات العاملين في الشركة، والمماطلة في اجراءات التصفية للاستفادة قدر الامكان من الأتعاب الشهرية على حساب الدائنين والمساهمين.
ويرى العبدالجادر في حوار مع القبس أن اصل المشكلة يرجع إلى عدم تحديد قانون الشركات الشروط الواجب توافرها فيمن يتم تعيينه مصفياً، لتعمد شركات إلى تعيين مصفين لا يمتلكون الكفاءات والمؤهلات اللازمة للقيام بمهام التصفية ولم يزاولوا أعمال تدقيق الحسابات وليست لديهم خبرة في هذا المجال. ويشير الى أن حقوق الموظفين من اجور ورواتب وغيرها من المستحقات عند إغلاق المنشأة أو إشهار إفلاسها تعتبر حق امتياز متقدما على اموال الدائنين والمساهمين، وتستوفى قبل اي حق آخر ولو كان ممتازا، منتقدا قانون العمل في القطاع الأهلي الذي اعتبر إغلاق المنشأة أو الإفلاس أمراً لا يُسأل عنه صاحب العمل، حتى لو كان المتسبب في ذلك.
وفي ما يلي تفاصيل الحوار:
* متى تتم تصفية الشركات؟
ـ الافلاس والتصفية هما من أسباب انقضاء الشركة، وقد يكون حل الشركة اختياريا أو قضائيا.
ويقصد بتصفية الشركة الأعمال أو العمليات التي يتم بموجبها انهاء التعاملات والآثار التي خلفتها الشركة المنحلة أو المنتهية في الواقع القانوني، وتسوية المراكز القانونية للشركة باستيفاء حقوقها وسداد ديونها، ومن ثم تقسيم ما تبقى من أموالها على الشركاء، وان لم يتبق شيء، فان ذلك يعني ان الشركة قد منيت بخسائر ويتعين على كل شريك الاسهام فيها حسب مسؤوليته عن ديون الشركة، وعلى ضوء نصوص العقد وأحكام القانون. ويتضح من ذلك ان التصفية وسيلة لانهاء عقد الشركة ومحو شخصيتها القانونية وليس غاية في حد ذاتها، والتصفية لازمة في جميع الشركات ماعدا شركة المحاصة لأنها لا تتمتع بالشخصية القانونية، ولا توجد بالتالي لها ذمة مالية مستقلة يمكن ان ترد عليها التصفية.
أما الافلاس فهو وجه آخر من أوجه انقضاء الشركات. والافلاس في معناه القانوني هو نظام خاص، يهدف الى تنظيم التنفيذ الجماعي على أموال المدين المفلس، الذي يتوقف عن سداد ديونه بسبب اضطراب أعماله وتدني أوضاعه المالية، بما يزعزع الثقة بائتمانه ويهدد مصالح دائنيه. ويمكن القول انه نظام خاص بالتصفية الجماعية لذمة المدين المفلس، الذي توقف عن دفع ديونه، ومتى ما توقفت الشركة عن دفع ديونها فانه يجوز طلب شهر افلاسها، ويستوي في ذلك ان يكون شهر الافلاس، الذي لابد ان يتم بمقتضى حكم قضائي، بناء على طلب ممثلي الشركة ذاتها، أو بناء على طلب أحد دائني الشركة أو النيابة العامة. كما يجوز للمحكمة من تلقاء نفسها ان تحكم باشهار افلاس الشركة.
* ما هو نظام التصفية؟ وهل لا بد من حكم محكمة أم أن قراراً من مجلس ادارة الشركة يكفي لتصفيتها؟
ـ فيما عدا الشركات المساهمة، يجوز حل الشركة بحكم قضائي، اذا طلب أحد الشركاء لعدم وفاء شريك بما تعهد به أو لأي سبب آخر تقدر المحكمة أن له من الخطورة ما يسوغ الحل.
لكن تجدر الإشارة الى المادة 302 من قانون الشركات الكويتي، والتي تنص على: إذا خسرت الشركة ثلاثة أرباع رأس المال المدفوع، وجب على أعضاء مجلس الادارة دعوة الجمعية العامة غير العادية للنظر في استمرار الشركة أو حلها قبل الأجل المعين في عقدها، أو اتخاذ غير ذلك من التدابير المناسبة. (على سبيل المثال وليس الحصر: إعادة جدولة وهيكلة الديون، مناقشة العقود الحالية والمستقبلية للشركة، الحصول على الدعم المالي من قبل المساهمين الرئيسيين لمواكبة المشاريع، تخفيض رأس المال بمقدار الخسارة أو زيادة رأسمال الشركة).
فإذا لم يقم مجلس الإدارة بدعوة الجمعية العامة غير العادية، أو تعذر اصدار قرار، جاز لوزارة التجارة والصناعة الحلول محل مجلس الإدارة صاحب الحق الأصيل في توجيه الدعوة للجمعية العامة غير العادية للشركة المساهمة، وطلب اتخاذ الإجراءات التحفظية اللازمة.
لكن هناك سؤالاً يطرح نفسه: كم شركة خسرت ثلاثة أرباع رأس المال أو تبين وجود مخالفات قانونية، أو تصرفات من بعض القائمين على إدارتها أو مؤسسيها، تضر بمصالح الشركة، ولم تباشر وزارة التجارة أو الجهات الرقابية المعنية دعوة لعقد جمعية عامة لتصحيح تلك المخالفات وأخذ التدابير المناسبة حيالها؟
* كيف تتجنب الشركات التصفية أو الإفلاس في ظل خسارتها أكثر من %75 من رؤوس أموالها؟
ـ لعل أحد الخيارات المتاحة قبل اتخاذ إجراء بالتصفية أو الإفلاس هو اللجوء إلى تخفيض رأس المال عن طريق الاحتياطيات المتاحة وزيادته عن طريق «حساب الدائنين». وقد نظم القرار الوزاري رقم 515 لسنة 2010 شروط وإجراءات استدعاء زيادة أو تخفيض رأسمال الشركات المساهمة. الا ان القرار الوزاري المذكور لا يسمح بإطفاء الخسائر المتراكمة عن طريق «حساب الدائنين»، ما يعتير تعارضاً صريحاً مع المادة 159 من قانون الشركات، الذي أقر بجواز تغطية زيادة رأس المال بأسهم تسدَّد قيمتها بالعديد من الطرق، منها تحويل دين على الشركة أو السندات أو الصكوك إلى أسهم.
ومازالت وزارة التجارة والصناعة ترفض الكثير من الطلبات لزيادة رؤوس أموال الشركات المتعثرة وغيرها من الشركات عن طريق إطفاء الديون وتحويلها الى أسهم، وهو ما نراه غير مبرَّر على الاطلاق، حيث ان المعايير والمبادئ المحاسبية تعتبر ان إلغاء الدين هو تحقيق لمكاسب، ومما يترتب عليه تخفيض للخسائر المتراكمة بمقدار الدين الملغى من قبل الدائن.
* هل إيجابيات التصفية أكثر من سلبياتها كما يؤكد البعض؟
ـ تعد التصفية أمراً حتمياً للشركات غير القادرة على مزاولة أعمالها والوفاء بالتزاماتها أمام الدائنين. وكما هي الحال في مجال الأعمال التجارية، هناك ايجابيات وسلبيات للتصفية، الا أن الايجابيات تفوق سلبياتها. وأهم إيجابيات التصفية هي:
1 - تحصين الشركة من دائنيها بعدم اتخاذ أي إجراءات قضائية ضد الشركة.
2 - تمكين المصفي من إجراء تشخيص كامل لوضع الشركة وتسيير اعمالها بشكل أكثر فاعلية.
3 - تكلفة التصفية عموماً أقل نسبياً مقارنة بتكلفة استمرار بعض الشركات.
4 - الحفاظ قدر الامكان على ما تبقى من قيم اصول الشركة، حيث لو تركت من دون رقيب ستتراجع قيمها.
5 - منح فرصة اكبر للدائنين في الحصول على مستحقاتهم بأقل ضرر ممكن.
* ما إجراءات التصفية ومدتها؟
ـ تدخل الشركة، بمجرد حلها، في دور التصفية. وتحتفظ خلال مدة التصفية بالقدر اللازم بشخصيتها الاعتبارية أثناء فترة التصفية، مع وجوب إضافة عبارة «تحت التصفية» الى اسم الشركة. ولا يتم شطبها من السجل التجاري الى حين إتمام اجراءات التصفية.
وتنتهي عند انقضاء سلطة مديريها. ومع ذلك يظلون قائمين على ادارة الشركة الى حين تعيين المصفي وممارسته لسلطاته، ويعتبر المديرون بالنسبة للغير في حكم المصفين الى أن يتم تعيين المصفي وفقاً للشروط والقواعد المنصوص عليها في عقد الشركة.
والأصل ان تعيين المصفي أو عزله هو من اختصاصات الشركاء أو المساهمين، كما لدائني الشركة حق طلب تعيين المصفي حفاظاً على حقوقهم ومنعاً لتعسف الشركاء / المساهمين. وإذا تعذر صدور قرار بتعيين المصفي تولت المحكمة تعيينه بناء على طلب أحدهم، ويجب أن يتضمن الحكم تحديد أجره ومدة التصفية.
ومع تعيين المصفي يتم تحديد مدة التصفية، ويجوز له مد هذه المدة بموافقة أغلبية الشركاء/ المساهمين، أو بقرار من المحكمة. أما اذا قدر المصفي أن مصلحة الشركة تقتضي الاستمرار في أعمالها الى أجل معين، تعين عليه في هذه الحالة دعوة الجمعية العامة للبت في هذا الأمر، الا اذا كان حل الشركة قد تم بناء على حكم قضائي.
ويلتزم مديرو الشركة ومجلس ادارتها فور تعيين المصفي بتقديم حساباتهم للمصفي، ويسلمونه أموال الشركة ودفاترها ومستنداتها.
ويقوم المصفي ــــ خلال ثلاثة أشهر من مباشرته عمله ــــ بالاستعانه بمديري الشركة ومجلس ادارتها ومراقب الحسابات (ان وجد)، بجرد ما للشركة من أموال، وما عليها من التزامات وتحديد مركزها المالي فور توليه مهام التصفية.
وبدوره، يلتزم المصفي المعين بالقيام بدعوة الجمعية العامة العادية بشكل سنوي (على الأقل)، وذلك لمناقشة البيانات المالية للشركة وتقرير مراقب الحسابات والتقرير السنوي عن أعمال التصفية والمصادقة عليه من قبل الشركاء / المساهمين، وله دعوة للاجتماع في أي وقت اذا اقتضت ذلك أعمال التصفية.
وبانتهاء أعمال التصفية وتسوية المبالغ المستحقة للعاملين في الشركة وسداد ديونها وقسمة ما تبقى من أموالها على الشركاء / المساهمين يقوم المصفي بدوره باشهار الانتهاء من التصفية، ومن ثم طلب شطب قيد الشركة من السجل التجاري.
* ما التحديات التي يواجهها المصفي؟
ـ يواجه المصفي تحديات ومعضلات كبيرة في اداء مهامه، خصوصاً في الشركات المتعثرة التي يكون لمديريها أو مجلس ادارتها دور رئيسي في تعثرها أو افلاسها؛ حيث يتم حجب بعض المعلومات واخفاء أو اتلاف المستندات التي من شأنها تمكين المصفي من القيام بواجباته وتسهيل أعماله.
* هل هناك حالات تم فيها عزل المصفي؟ وكيف نحمي المساهمين من انحرافات بعض المصفين؟
ـ هناك أحكام صدرت تم بموجبها عزل المصفي، نظرا لثبوت انحيازه لمصلحة أحد الشركاء وتراخيه في تنفيذ الأحكام القضائية الصادرة على الشركة، فضلاً عن تقديمه أية معلومات عن حالة التصفية وما آلت إليه، وأنه قد كان من شأن تلك التصرفات إلحاق ضرر جسيم بالشركة ومركزها المالي.
وبصفتنا مراقبو حسابات بعض الشركات تحت التصفية واجهنا حالات ثبت فيها تلاعب من قبل المصفي عن طريق قيامه باثبات ديون ورقية غير فعلية لمصلحة أطراف ذوي علاقة ببعض المساهمين الرئيسيين وتصنيفها كديون ممتازة. فضلا عن المبالغة والمغالاة في أتعابه التي تصل أحيانا الى ربع مليون دينار كويتي سنويا، ويتم سدادها بصفة الامتياز قبل حتى سداد مستحقات العاملين! ويماطل المصفي في اجراءات التصفية للاستفادة قدر الامكان من الأتعاب الشهرية على حساب الدائنين والمساهمين.
في رأيي ان اصل المشكلة يرجع إلى عدم تحديد قانون الشركات الشروط الواجب توافرها فيمن يتم تعيينه كمصفٍ، ومن ثم تقوم الشركات بتعيين مصفين لايمتلكون الكفاءات والمؤهلات اللازمة للقيام بمهام التصفية، ولم يزاولوا أعمال تدقيق الحسابات وليست لديهم خبرة في هذا المجال.
رغم العزوف عن الدخول تحت مظلته قانون الاستقرار إطار مناسب لإعادة هيكلة الشركات المتعثرة قال بدر العبد الجادر إن قانون تعزيز الاستقرار المالي يوفر الإطار القانوني اللازم الذي تستطيع الشركة بموجبه تنفيذ خطة إعادة الهيكلة وفق جدول زمني محدد يتم اعتماده من المحكمة.
واضاف: يعتبر دخول بعض الشركات المتعثرة تحت مظلة قانون الاستقرار امرا حتميا في حال عدم موافقة بعض الدائنين (بما لا يزيد على %25) على خطة إعادة الهيكلة واصرارهم على رفع القضايا على تلك الشركات، الامر الذي قد يصعب معه ان لم يكن مستحيلا تطبيق خطة اعادة الهيكلة. ومن ايجابيات هذا القانون تجميد قضايا الجهات الدائنة المعترضة على خطة اعادة الهيكلة، كما ان القانون يعد حماية لكل الدائنين فضلا عن كونه يحمي اي شركة متعثرة من اي قضايا منظورة امام القضاء، وذلك في ضوء استيفاء الشركة لكل شروط وبنود القانون.
وتابع العبدالجادر: برأيي الشخصي، هناك إيجابيات كثيرة لقانون الاستقرار المالي على الرغم من عزوف من الشركات عن الدخول فيه، لعل من أهمها ان القانون يشكل حافزا امام العديد من الشركات المتعثرة ويعزز قدرتها على سداد التزاماتها دون اي ضغوطات خارجية.
حقوق الموظفين امتياز متقدّ.م على أموال الدائنين والمساهمين
قال بدر العبدالجادر ان حقوق الموظفين من اجور ورواتب وغيرها من المستحقات تعتبر حق امتياز متقدما على اموال الدائنين والمساهمين وتستوفى قبل اي حق اخر ولو كان ممتازا، وذلك من اجل اسباغ الحماية على حقوق العمالة، لان اجور العمال وسائر الحقوق الناشئة عن علاقة العمل لها اهمية قصوى باعتبارها المورد الاساسي والوحيد لدخل العامل ومصدر رزقه هو واسرته، الامر الذي يستوجب ان تمنح هذه الحقوق الاولوية والافضلية.
واضاف: قضت المادة 50 من قانون العمل في القطاع الأهلي رقم 6 لسنة 2010 بانتهاء عقد العمل في حالتين: الأولى، بصدور حكم نهائي بإشهار افلاس صاحب العمل. والثانية عند اغلاق المنشأة نهائيا، وفي الحالتين يترتب الأثر نفسه، وهو انقضاء المنشأة بتصفيتها، ومن الطبيعي أن يترتب عليها انتهاء عقود العمال. وبالتالي، ان انقضاء الشركة بالتصفية يعني انقضاء الشخصية الاعتبارية لها، وبالتالي فقدانها كطرف متعاقد لاهلية التعاقد، الأمر الذي ينبني عليه انحلال العلاقة التعاقدية بين الشركة وموظفيها، وبالتالي فان على الشركة في هذه الحالة احتساب حقوق العمال كاملة.
واكد ان القانون خالف القواعد العامة، حيث اعتبر اغلاق المنشأة نهائيا أو الافلاس أمرا مشروعا لا يسأل عنه صاحب العمل، حتى لو كان هو السبب في الاغلاق أو الافلاس.
لكن العبدالجادر، في المقابل، لا يعفي بعض المصفين من المسؤولية، إذ يقول إنهم يتلاعبون باثبات ديون ورقية غير فعلية لمصلحة أطراف ذوي علاقة ببعض المساهمين الرئيسيين وتصنيفها ديونا ممتازة، فضلا عن المبالغة في الأتعاب، والحصول عليها قبل سداد مستحقات العاملين في الشركة، والمماطلة في اجراءات التصفية للاستفادة قدر الامكان من الأتعاب الشهرية على حساب الدائنين والمساهمين.
ويرى العبدالجادر في حوار مع القبس أن اصل المشكلة يرجع إلى عدم تحديد قانون الشركات الشروط الواجب توافرها فيمن يتم تعيينه مصفياً، لتعمد شركات إلى تعيين مصفين لا يمتلكون الكفاءات والمؤهلات اللازمة للقيام بمهام التصفية ولم يزاولوا أعمال تدقيق الحسابات وليست لديهم خبرة في هذا المجال. ويشير الى أن حقوق الموظفين من اجور ورواتب وغيرها من المستحقات عند إغلاق المنشأة أو إشهار إفلاسها تعتبر حق امتياز متقدما على اموال الدائنين والمساهمين، وتستوفى قبل اي حق آخر ولو كان ممتازا، منتقدا قانون العمل في القطاع الأهلي الذي اعتبر إغلاق المنشأة أو الإفلاس أمراً لا يُسأل عنه صاحب العمل، حتى لو كان المتسبب في ذلك.
وفي ما يلي تفاصيل الحوار:
* متى تتم تصفية الشركات؟
ـ الافلاس والتصفية هما من أسباب انقضاء الشركة، وقد يكون حل الشركة اختياريا أو قضائيا.
ويقصد بتصفية الشركة الأعمال أو العمليات التي يتم بموجبها انهاء التعاملات والآثار التي خلفتها الشركة المنحلة أو المنتهية في الواقع القانوني، وتسوية المراكز القانونية للشركة باستيفاء حقوقها وسداد ديونها، ومن ثم تقسيم ما تبقى من أموالها على الشركاء، وان لم يتبق شيء، فان ذلك يعني ان الشركة قد منيت بخسائر ويتعين على كل شريك الاسهام فيها حسب مسؤوليته عن ديون الشركة، وعلى ضوء نصوص العقد وأحكام القانون. ويتضح من ذلك ان التصفية وسيلة لانهاء عقد الشركة ومحو شخصيتها القانونية وليس غاية في حد ذاتها، والتصفية لازمة في جميع الشركات ماعدا شركة المحاصة لأنها لا تتمتع بالشخصية القانونية، ولا توجد بالتالي لها ذمة مالية مستقلة يمكن ان ترد عليها التصفية.
أما الافلاس فهو وجه آخر من أوجه انقضاء الشركات. والافلاس في معناه القانوني هو نظام خاص، يهدف الى تنظيم التنفيذ الجماعي على أموال المدين المفلس، الذي يتوقف عن سداد ديونه بسبب اضطراب أعماله وتدني أوضاعه المالية، بما يزعزع الثقة بائتمانه ويهدد مصالح دائنيه. ويمكن القول انه نظام خاص بالتصفية الجماعية لذمة المدين المفلس، الذي توقف عن دفع ديونه، ومتى ما توقفت الشركة عن دفع ديونها فانه يجوز طلب شهر افلاسها، ويستوي في ذلك ان يكون شهر الافلاس، الذي لابد ان يتم بمقتضى حكم قضائي، بناء على طلب ممثلي الشركة ذاتها، أو بناء على طلب أحد دائني الشركة أو النيابة العامة. كما يجوز للمحكمة من تلقاء نفسها ان تحكم باشهار افلاس الشركة.
* ما هو نظام التصفية؟ وهل لا بد من حكم محكمة أم أن قراراً من مجلس ادارة الشركة يكفي لتصفيتها؟
ـ فيما عدا الشركات المساهمة، يجوز حل الشركة بحكم قضائي، اذا طلب أحد الشركاء لعدم وفاء شريك بما تعهد به أو لأي سبب آخر تقدر المحكمة أن له من الخطورة ما يسوغ الحل.
لكن تجدر الإشارة الى المادة 302 من قانون الشركات الكويتي، والتي تنص على: إذا خسرت الشركة ثلاثة أرباع رأس المال المدفوع، وجب على أعضاء مجلس الادارة دعوة الجمعية العامة غير العادية للنظر في استمرار الشركة أو حلها قبل الأجل المعين في عقدها، أو اتخاذ غير ذلك من التدابير المناسبة. (على سبيل المثال وليس الحصر: إعادة جدولة وهيكلة الديون، مناقشة العقود الحالية والمستقبلية للشركة، الحصول على الدعم المالي من قبل المساهمين الرئيسيين لمواكبة المشاريع، تخفيض رأس المال بمقدار الخسارة أو زيادة رأسمال الشركة).
فإذا لم يقم مجلس الإدارة بدعوة الجمعية العامة غير العادية، أو تعذر اصدار قرار، جاز لوزارة التجارة والصناعة الحلول محل مجلس الإدارة صاحب الحق الأصيل في توجيه الدعوة للجمعية العامة غير العادية للشركة المساهمة، وطلب اتخاذ الإجراءات التحفظية اللازمة.
لكن هناك سؤالاً يطرح نفسه: كم شركة خسرت ثلاثة أرباع رأس المال أو تبين وجود مخالفات قانونية، أو تصرفات من بعض القائمين على إدارتها أو مؤسسيها، تضر بمصالح الشركة، ولم تباشر وزارة التجارة أو الجهات الرقابية المعنية دعوة لعقد جمعية عامة لتصحيح تلك المخالفات وأخذ التدابير المناسبة حيالها؟
* كيف تتجنب الشركات التصفية أو الإفلاس في ظل خسارتها أكثر من %75 من رؤوس أموالها؟
ـ لعل أحد الخيارات المتاحة قبل اتخاذ إجراء بالتصفية أو الإفلاس هو اللجوء إلى تخفيض رأس المال عن طريق الاحتياطيات المتاحة وزيادته عن طريق «حساب الدائنين». وقد نظم القرار الوزاري رقم 515 لسنة 2010 شروط وإجراءات استدعاء زيادة أو تخفيض رأسمال الشركات المساهمة. الا ان القرار الوزاري المذكور لا يسمح بإطفاء الخسائر المتراكمة عن طريق «حساب الدائنين»، ما يعتير تعارضاً صريحاً مع المادة 159 من قانون الشركات، الذي أقر بجواز تغطية زيادة رأس المال بأسهم تسدَّد قيمتها بالعديد من الطرق، منها تحويل دين على الشركة أو السندات أو الصكوك إلى أسهم.
ومازالت وزارة التجارة والصناعة ترفض الكثير من الطلبات لزيادة رؤوس أموال الشركات المتعثرة وغيرها من الشركات عن طريق إطفاء الديون وتحويلها الى أسهم، وهو ما نراه غير مبرَّر على الاطلاق، حيث ان المعايير والمبادئ المحاسبية تعتبر ان إلغاء الدين هو تحقيق لمكاسب، ومما يترتب عليه تخفيض للخسائر المتراكمة بمقدار الدين الملغى من قبل الدائن.
* هل إيجابيات التصفية أكثر من سلبياتها كما يؤكد البعض؟
ـ تعد التصفية أمراً حتمياً للشركات غير القادرة على مزاولة أعمالها والوفاء بالتزاماتها أمام الدائنين. وكما هي الحال في مجال الأعمال التجارية، هناك ايجابيات وسلبيات للتصفية، الا أن الايجابيات تفوق سلبياتها. وأهم إيجابيات التصفية هي:
1 - تحصين الشركة من دائنيها بعدم اتخاذ أي إجراءات قضائية ضد الشركة.
2 - تمكين المصفي من إجراء تشخيص كامل لوضع الشركة وتسيير اعمالها بشكل أكثر فاعلية.
3 - تكلفة التصفية عموماً أقل نسبياً مقارنة بتكلفة استمرار بعض الشركات.
4 - الحفاظ قدر الامكان على ما تبقى من قيم اصول الشركة، حيث لو تركت من دون رقيب ستتراجع قيمها.
5 - منح فرصة اكبر للدائنين في الحصول على مستحقاتهم بأقل ضرر ممكن.
* ما إجراءات التصفية ومدتها؟
ـ تدخل الشركة، بمجرد حلها، في دور التصفية. وتحتفظ خلال مدة التصفية بالقدر اللازم بشخصيتها الاعتبارية أثناء فترة التصفية، مع وجوب إضافة عبارة «تحت التصفية» الى اسم الشركة. ولا يتم شطبها من السجل التجاري الى حين إتمام اجراءات التصفية.
وتنتهي عند انقضاء سلطة مديريها. ومع ذلك يظلون قائمين على ادارة الشركة الى حين تعيين المصفي وممارسته لسلطاته، ويعتبر المديرون بالنسبة للغير في حكم المصفين الى أن يتم تعيين المصفي وفقاً للشروط والقواعد المنصوص عليها في عقد الشركة.
والأصل ان تعيين المصفي أو عزله هو من اختصاصات الشركاء أو المساهمين، كما لدائني الشركة حق طلب تعيين المصفي حفاظاً على حقوقهم ومنعاً لتعسف الشركاء / المساهمين. وإذا تعذر صدور قرار بتعيين المصفي تولت المحكمة تعيينه بناء على طلب أحدهم، ويجب أن يتضمن الحكم تحديد أجره ومدة التصفية.
ومع تعيين المصفي يتم تحديد مدة التصفية، ويجوز له مد هذه المدة بموافقة أغلبية الشركاء/ المساهمين، أو بقرار من المحكمة. أما اذا قدر المصفي أن مصلحة الشركة تقتضي الاستمرار في أعمالها الى أجل معين، تعين عليه في هذه الحالة دعوة الجمعية العامة للبت في هذا الأمر، الا اذا كان حل الشركة قد تم بناء على حكم قضائي.
ويلتزم مديرو الشركة ومجلس ادارتها فور تعيين المصفي بتقديم حساباتهم للمصفي، ويسلمونه أموال الشركة ودفاترها ومستنداتها.
ويقوم المصفي ــــ خلال ثلاثة أشهر من مباشرته عمله ــــ بالاستعانه بمديري الشركة ومجلس ادارتها ومراقب الحسابات (ان وجد)، بجرد ما للشركة من أموال، وما عليها من التزامات وتحديد مركزها المالي فور توليه مهام التصفية.
وبدوره، يلتزم المصفي المعين بالقيام بدعوة الجمعية العامة العادية بشكل سنوي (على الأقل)، وذلك لمناقشة البيانات المالية للشركة وتقرير مراقب الحسابات والتقرير السنوي عن أعمال التصفية والمصادقة عليه من قبل الشركاء / المساهمين، وله دعوة للاجتماع في أي وقت اذا اقتضت ذلك أعمال التصفية.
وبانتهاء أعمال التصفية وتسوية المبالغ المستحقة للعاملين في الشركة وسداد ديونها وقسمة ما تبقى من أموالها على الشركاء / المساهمين يقوم المصفي بدوره باشهار الانتهاء من التصفية، ومن ثم طلب شطب قيد الشركة من السجل التجاري.
* ما التحديات التي يواجهها المصفي؟
ـ يواجه المصفي تحديات ومعضلات كبيرة في اداء مهامه، خصوصاً في الشركات المتعثرة التي يكون لمديريها أو مجلس ادارتها دور رئيسي في تعثرها أو افلاسها؛ حيث يتم حجب بعض المعلومات واخفاء أو اتلاف المستندات التي من شأنها تمكين المصفي من القيام بواجباته وتسهيل أعماله.
* هل هناك حالات تم فيها عزل المصفي؟ وكيف نحمي المساهمين من انحرافات بعض المصفين؟
ـ هناك أحكام صدرت تم بموجبها عزل المصفي، نظرا لثبوت انحيازه لمصلحة أحد الشركاء وتراخيه في تنفيذ الأحكام القضائية الصادرة على الشركة، فضلاً عن تقديمه أية معلومات عن حالة التصفية وما آلت إليه، وأنه قد كان من شأن تلك التصرفات إلحاق ضرر جسيم بالشركة ومركزها المالي.
وبصفتنا مراقبو حسابات بعض الشركات تحت التصفية واجهنا حالات ثبت فيها تلاعب من قبل المصفي عن طريق قيامه باثبات ديون ورقية غير فعلية لمصلحة أطراف ذوي علاقة ببعض المساهمين الرئيسيين وتصنيفها كديون ممتازة. فضلا عن المبالغة والمغالاة في أتعابه التي تصل أحيانا الى ربع مليون دينار كويتي سنويا، ويتم سدادها بصفة الامتياز قبل حتى سداد مستحقات العاملين! ويماطل المصفي في اجراءات التصفية للاستفادة قدر الامكان من الأتعاب الشهرية على حساب الدائنين والمساهمين.
في رأيي ان اصل المشكلة يرجع إلى عدم تحديد قانون الشركات الشروط الواجب توافرها فيمن يتم تعيينه كمصفٍ، ومن ثم تقوم الشركات بتعيين مصفين لايمتلكون الكفاءات والمؤهلات اللازمة للقيام بمهام التصفية، ولم يزاولوا أعمال تدقيق الحسابات وليست لديهم خبرة في هذا المجال.
رغم العزوف عن الدخول تحت مظلته قانون الاستقرار إطار مناسب لإعادة هيكلة الشركات المتعثرة قال بدر العبد الجادر إن قانون تعزيز الاستقرار المالي يوفر الإطار القانوني اللازم الذي تستطيع الشركة بموجبه تنفيذ خطة إعادة الهيكلة وفق جدول زمني محدد يتم اعتماده من المحكمة.
واضاف: يعتبر دخول بعض الشركات المتعثرة تحت مظلة قانون الاستقرار امرا حتميا في حال عدم موافقة بعض الدائنين (بما لا يزيد على %25) على خطة إعادة الهيكلة واصرارهم على رفع القضايا على تلك الشركات، الامر الذي قد يصعب معه ان لم يكن مستحيلا تطبيق خطة اعادة الهيكلة. ومن ايجابيات هذا القانون تجميد قضايا الجهات الدائنة المعترضة على خطة اعادة الهيكلة، كما ان القانون يعد حماية لكل الدائنين فضلا عن كونه يحمي اي شركة متعثرة من اي قضايا منظورة امام القضاء، وذلك في ضوء استيفاء الشركة لكل شروط وبنود القانون.
وتابع العبدالجادر: برأيي الشخصي، هناك إيجابيات كثيرة لقانون الاستقرار المالي على الرغم من عزوف من الشركات عن الدخول فيه، لعل من أهمها ان القانون يشكل حافزا امام العديد من الشركات المتعثرة ويعزز قدرتها على سداد التزاماتها دون اي ضغوطات خارجية.
حقوق الموظفين امتياز متقدّ.م على أموال الدائنين والمساهمين
قال بدر العبدالجادر ان حقوق الموظفين من اجور ورواتب وغيرها من المستحقات تعتبر حق امتياز متقدما على اموال الدائنين والمساهمين وتستوفى قبل اي حق اخر ولو كان ممتازا، وذلك من اجل اسباغ الحماية على حقوق العمالة، لان اجور العمال وسائر الحقوق الناشئة عن علاقة العمل لها اهمية قصوى باعتبارها المورد الاساسي والوحيد لدخل العامل ومصدر رزقه هو واسرته، الامر الذي يستوجب ان تمنح هذه الحقوق الاولوية والافضلية.
واضاف: قضت المادة 50 من قانون العمل في القطاع الأهلي رقم 6 لسنة 2010 بانتهاء عقد العمل في حالتين: الأولى، بصدور حكم نهائي بإشهار افلاس صاحب العمل. والثانية عند اغلاق المنشأة نهائيا، وفي الحالتين يترتب الأثر نفسه، وهو انقضاء المنشأة بتصفيتها، ومن الطبيعي أن يترتب عليها انتهاء عقود العمال. وبالتالي، ان انقضاء الشركة بالتصفية يعني انقضاء الشخصية الاعتبارية لها، وبالتالي فقدانها كطرف متعاقد لاهلية التعاقد، الأمر الذي ينبني عليه انحلال العلاقة التعاقدية بين الشركة وموظفيها، وبالتالي فان على الشركة في هذه الحالة احتساب حقوق العمال كاملة.
واكد ان القانون خالف القواعد العامة، حيث اعتبر اغلاق المنشأة نهائيا أو الافلاس أمرا مشروعا لا يسأل عنه صاحب العمل، حتى لو كان هو السبب في الاغلاق أو الافلاس.
تعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
{{Comments.indexOf(comment)+1}}
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}

عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.
تحليل التعليقات: