نبض أرقام
11:51 ص
توقيت مكة المكرمة

2025/11/22
2025/11/21

من مراد آباد لوادي السيليكون .. صبيح خان والصعود إلى قمة أبل

07:27 ص (بتوقيت مكة) أرقام

أصبح اسم صبيح خان حديث الأوساط التكنولوجية العالمية بعد إعلان "أبل" في يوليو 2025 تعيينه رئيساً تنفيذياً للعمليات (COO)، خلفاً لأسطورة الإدارة جيف ويليامز.

 

ورغم عمله داخل الشركة لما يقارب ثلاثة عقود، فإن الرجل الذي قاد أهم حلقات سلسلة الإمداد في أحد أكبر مصانع التكنولوجيا في العالم ظل دائماً بعيداً عن الأضواء، يعمل بصمت ويترك النتائج تتحدث عنه.

 

 

جذور هندية.. وبداية في سنغافورة

 

وُلد صبيح خان عام 1966 في مدينة مراد آباد بولاية أوتار براديش الهندية، داخل عائلة تقدّر الانضباط وأخلاقيات العمل. والده، المهندس سعيد الله خان، كان مثالاً للنزاهة والمسؤولية، وهي قيم شكّلت شخصية صبيح في سنواته الأولى.

 

وفي سن العاشرة، انتقلت العائلة إلى سنغافورة بحثاً عن فرص أفضل، وهناك وجد نفسه في بيئة متعددة الثقافات، ما منحه قدرة مبكرة على الاندماج والتكيّف وفهم طبيعة العمل في بيئات متنوعة.

 

تعلّم صبيح في مدارس الهند بداية، ثم أكمل تعليمه الأساسي في سنغافورة، قبل أن يتخذ القرار المفصلي بالانتقال إلى الولايات المتحدة لمتابعة تعليمه العالي، حاملاً معه حلم "الفرصة الأمريكية" الذي غيّر مصير كثيرين قبله.

 

مسار أكاديمي غير تقليدي

 

في الولايات المتحدة التحق بجامعة تافتس في ماساتشوستس، حيث درس الاقتصاد ضمن برنامج بحثي مكثّف.

 

ورغم حصوله على درجة البكالوريوس في هذا التخصص، عاد مرة أخرى إلى الجامعة نفسها لدراسة الهندسة الميكانيكية، في خطوة بدت غريبة للبعض لكنها صنعت لاحقاً المزيج الذي ميّزه داخل "أبل"؛ فهم عميق للهندسة مدعوم برؤية اقتصادية واضحة لمنظومات الإنتاج وسلاسل التوريد.

 

بعد ذلك، حصل على درجة الماجستير في الهندسة الميكانيكية من معهد رينسيلار للتكنولوجيا في نيويورك، وهو أحد أبرز المؤسسات الهندسية في الولايات المتحدة.

 

هذا التكوين التقني والبحثي أسهم في تكوين عقلية تحليلية تعتمد على حل المشكلات وتعظيم الاستفادة من الموارد، وهي مهارات ستصبح لاحقاً حجر الأساس لنجاحه في أكثر مرحلة حساسة داخل "أبل".

 

من "جي إي" لعالم البلاستيك الصناعي

 

قبل انضمامه إلى "أبل"، عمل خان في شركة "جي إي بلاستيكس" التي أصبحت لاحقاً جزءاً من "سابك" العالمية.

 

بدأ كمهندس تطوير تطبيقات، ثم تولّى إدارة حسابات رئيسية. خلال هذه الفترة اكتسب خبرة حاسمة في تصميم حلول مخصصة للعملاء، وفهم سلاسل الإمداد الصناعية، والتعامل مع المصانع، وإدارة علاقات الموردين، وحل مشكلات التصنيع. وقد شكّلت تلك التجربة قاعدة صلبة انتقل بها إلى عالم التكنولوجيا الفائقة.

 

دخوله أبل.. وما قبل عصر الآيفون

 

في 1995، وقبل أن تعرف "أبل" أياً من منتجاتها الثورية، انضم صبيح خان إلى قسم المشتريات.

 

 

كانت الشركة آنذاك بعيدة عن مكانتها اليوم، وكانت بحاجة ماسة إلى بناء شبكة توريد قوية تقلّل التكلفة وتضمن تدفق المكونات دون انقطاع.

 

هنا ظهر تأثير خان مبكراً، إذ ساهم في تطوير استراتيجيات توريد جديدة، وبناء علاقات بعيدة المدى مع الموردين، ووضع أنظمة لتقليل المخاطر اللوجستية.

 

هذه الأسس كانت العمود الفقري الذي قامت عليه لاحقاً منظومة تصنيع منتجات آيفون وماك وآيباد.

 

ومع كل إطلاق لمنتج جديد، كان خان أحد الجنود المجهولين الذين يقفون خلف نجاح عمليات الإنتاج والنقل والتوريد حول العالم.

 

نحو قمة الهرم

 

عام 2019، وبعد سنوات من الإنجازات الهادئة، تم تعيينه نائباً أول لرئيس العمليات، حيث بدأ في العمل بشكل مباشر مع جيف ويليامز.

 

هذا المنصب وضعه في قلب أكثر الملفات حساسية داخل "أبل"، خصوصاً في مواجهة تحديات التصنيع العالمية.

 

وجاءت لحظة الاختبار الكبرى خلال جائحة "كوفيد-19". ففي الوقت الذي انهارت فيه سلاسل الإمداد حول العالم، قاد خان منظومة عمليات "أبل" بطريقة سمحت للشركة بالاستمرار في تسليم المنتجات ضمن جداولها الزمنية، مع حرص كبير على إجراءات السلامة للموظفين والعاملين في المصانع.

 

كما لعب دوراً رئيسياً في مبادرات "أبل" البيئية، إذ قاد التحول نحو تصنيع أكثر استدامة ساهم في خفض البصمة الكربونية للشركة بنسبة وصلت إلى 60%، عبر اعتماد مصادر صديقة للبيئة وتوسيع نطاق التصنيع الأخضر.

 

كذلك عمل على تعزيز انتشار مصانع "أبل" في مناطق استراتيجية جديدة لضمان مرونة أعلى في الإنتاج.

 

فيلسوف خلف الكواليس

 

على الرغم من قوة منصبه، فإن خان يتبع نهجاً إدارياً قائماً على التواضع والعمل بعيداً عن الكاميرات.

 

يرفض الظهور الإعلامي إلا عند الضرورة ويركز بشكل أساسي على فرق العمل، من مهندسين إلى موظفين على خطوط الإنتاج.

 

يؤمن بأن القيادة الحقيقية تبدأ من رعاية العاملين وتمكينهم، وبأن أفضل إنجاز هو ذاك الذي تحققه الفرق وليس الأفراد.

 

 

يحب عائلته ومطبخ الهند

 

بعيداً عن العمل، يحرص صبيح خان على إبقاء حياته الخاصة بعيدة عن الإعلام. هو أب لثلاثة أبناء، ويعدّ نفسه رجلاً عائلياً قبل أي شيء.

 

سنواته الطويلة خارج الهند، لا يزال متعلقاً بثقافته الأولى، وخصوصاً المطبخ الهندي الذي يعتبره جزءاً من ذاكرته وطفولته.

 

لحظة التتويج

 

بعد تقاعد جيف ويليامز، أعلنت "أبل" في يوليو/تموز 2025 تعيين صبيح خان رئيساً تنفيذياً للعمليات.

 

بهذا المنصب، أصبح واحداً من أبرز القادة ذوي الأصول الهندية الذين يقودون شركات التكنولوجيا العالمية إلى جانب أسماء مثل ساتيا ناديلا وسوندار بيتشاي.

 

خط صبيح خان طريقه إلى القمة بهدوء شديد، ومن دون أن يبحث عن الأضواء، لكنه أصبح اليوم أحد أكثر الشخصيات تأثيراً في مستقبل "أبل" وسلسلة توريدها، وأحد النماذج التي تلهم ملايين الشباب حول العالم بأن الطريق إلى النجاح قد يبدأ من مدينة صغيرة.

 

المصدر: برايم إنسايتس

التعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.